أكّد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، أنّ "للمرّة الأولى، صوّتت كتلة "الوفاء للمقاومة" بالتأييد لميزانية الحكومة، وذلك نتيجة عوامل معيّنة أهمّها أنّنا في وضع اقتصادي ومالي صعب وبحاجة للتعاون لمعالجته. ومنذ اليوم الأوّل، قلنا إنّنا سنتحمّل المسؤوليّة وذهبنا إلى نقاش جدّي في الحكومة وتمّ الأخذ ببعض ملاحظاتنا، وفي لجنة المال والموازنة حصل نقاش كبير أيضًا". وسجّل أنّه "كانت هناك جديّة كبيرة في نقاش الموازنة، نتيجة الحاجة بأن تخرج الموازنة من مجلس النواب قويّة، ولأنّ في لجنة المال إضافة إلى ملاحظاتنا تمّ الأخذ ببعض ملاحظاتنا".
ولفت في كلمة له خلال الذكرى الـ31 لتأسيس "مؤسسة جهاد البناء الإنمائية"، إلى أنّ "في مجلس النواب، وصلنا إلى نقطة، أنّه إذا أعطينا تأييدنا للموازنة، يمكن أن نحصّل مكاسب للناس، مثلًا: بالنسبة إلى ضريبة 2 بالمئة على كلّ المستوردات، رفضنا هذا الموضوع بالمطلق وتمّ عرض تسوية بأن يصوّت "حزب الله" على الموازنة على أن يتمّ تعديل هذا البند"، مفيدًا بأنّ "من الأمور الّتي تمّ تعديلها هو استثناء أساتذة "الجامعة اللبنانية" من منع التوظيف".
وفي ملف حقوق العمل للفلسطينيين، شدّد السيد نصرالله على أنّ "من المؤسف جدًّا أنّ في لبنان كلّ شيء يتعرّض للتسييس، مثلًا سمعنا كلامًا أنّ الاعتصامات الفلسطينية حصلت بتحريض من "حزب الله" و"حركة حماس". عندما يُمنع الفلسطيني هو ليس بحاجة إلى التحريض حتّى يتظاهر"، جازمًا أنّه "أمر معيب وغير أخلاقي التحريض ضدّ "حزب الله" في موضوع العمالة الفلسطينية، وهذا الموضوع يجب أن يُعالج بعيدًا عن المزايدات".
وشرح أنّ "هناك فرقًا بين العامل الأجنبي والعامل الفلسطيني، أوّلًا لأنّ الفلسطيني ليس له بلد ليذهب إليه ويعمل داخله وهو لاجئ منذ سنوات طويلة، وثانيًا موضوع العامل الفلسطيني مرتبط بقضية كبيرة يُجمع عليها، وهذا الموضوع يجب أن يُقارب من هذه الزاوية. لا علاقة بين حقوق العمل للفلسطيني والتوطين". ودعا إلى "معالجة الأمر بهدوء، ونحن دعونا إلى حوار في هذا الموضوع". وركّز على أنّ "في لبنان يُقال الشيء ونقيضه من الأشخاص نفسهم: هناك من يصوّر أنّ "حزب الله" يحكم لبنان ويسيطر على الحكومة ومجلس النواب والقضاء والجيش وإدارات الدولة، وهذه أكبر كذبة في تاريخ لبنان".
وبيّن أنّ "حزب الله" ليس حاكمًا للبنان، وما يجري في البلد هو خلاف لإرادة الحزب. يتّهموننا بتعطيل الحكومة، إذًا كيف نعطّل حكومة "حزب الله"؟ كيف يتّهمونا أنّنا نحكم البلد وفي الوقت نفسه يقولون إنّنا نعطّل؟ هم يعرفون انّهم يكذبون، الموضوع له أهداف ومنها تحميل "حزب الله" مسؤوليّة الوضع القائم، وتحريض الخارج والولايات المتحدة الأميركية على لبنان". وأوضح أنّ "كلّ من يقول إنّ "حزب الله" يحكم لبنان هو يحرّض العالم ضدّ لبنان، وهذا يجب أن يؤسّس له ملف قضائي لوقف التزوير والتضليل"، منوّهًا إلى أنّ "هناك فهمًا خاطئًا من أخصامنا لعلاقتنا مع الحلفاء، ونحن نتعاطى معهم باحترام ولا نفرض عليهم أي شيء ولا نضغط عليهم. أنتم يمكن أن تستخدموا حلفائكم، ونحن حلفاؤنا كرام وأعزّاء وأيّ كلام عكس ذلك هو إهانة لنا".
أمّا في قضية قبرشمون، فأشار نصرالله إلى أنّ "الحادثة حصلت واستشهد شخصين في موكب وزير الدلوة لشؤون النازحين صالح الغريب وكاد الوزير أن يُقتل. الوزير ينتمي إلى "الحزب الديمقراطي اللبناني"، وقام رئيس الحزب النائب طلال أرسلان وطالب بتحويل الحادثة إلى المجلس العدلي"، مفيدًا بأنّ "أرسلان لم يسألنا، ونحن لسنا بوجهين ولسانين وما أقوله لأرسلان في الجلسات الداخلية أقوله في العلن، ولسنا عاتبين عليه. أرسلان هو المقتول وهو صاحب القرار". ورأى أنّ "حليفنا مظلوم وبالفعل الحادثة كادت تودي بالسلم الأهلي ومطلبه محق. "حزب الله" قال إنّه مع أرسلان في هذا الموضوع ولم نضغط على أحد".
ونوّه إلى أنّه "بدأ القول إنّ هناك استهدافًا لفلان والزعامة الفلانية، وأرسلان أداة لـ"حزب الله" بالحرب على فلان، وهذا مهين بحقّنا وهو كذب وتزوير وهروب من الحقيقة". وأوضح أنّ "رئيس الحكومة سعد الحريري طلب تأجيل جلسة الحكومة، ولو حصلت الجلسة ماذا كان سيحصل؟ هناك وزير كاد يُقتل ووزير مُتّهم. هناك مشكل كبير حصل ولماذا الإستهانة بدماء الناس؟ هناك وزير كاد أن يُقتل". ولفت إلى "أنّنا عندما قلنا مع حلفائنا إنّنا نتعاطى باحترام، فنحن إذًا لدينا مشكل مع احد نواجه بشكل مباشر باعلامنا ووجوهنا. "حزب الله" لا يختبئ خلف حليف أو صحيفة، ونحن لسنا ضعاف أو جبناء ونملك كامل الشجاعة عندما نريد أن نواجه أحدًا".
وأعرب عن أمله أن "يتمّ الحوار بين زعماء الطائفة الدرزية، ونحن لا نحّرّض أحدًا على أحد"، معلنًا "أنّنا مع عودة جلسة الحكومة بأسرع وقت ممكن. أنا أفهم من يقولون إنّ "حزب الله" يحرّض أرسلان للضغط علينا، حتّى نضغط على أرسلان ليتراجع، وأنا اقول إفعلوا ما شئتم". وذكر "أنّنا قلنا لأرسلان أنت حليفنا ونحن معكم ونصوّت معك ولا نتخلّى عنك، ولا نطلب من أرسلان أن يسألنا وأنا أخجل أن أعرض على أرسلان أيّة مبادرة". وشدّد على أنّه "لا يهرب أحد من حادثة قبرشمون، هناك طرح للمعالجة ولا تكبّروا الموضوع حتّى يضيع"، مركّزًا على "أنّنا لا نعطّل الحكومة، ومن الطبيعي أن يتمّ نقاش قضية قبرشمون في الحكومة. نحن خلف أرسلان وهو صاحب القرار ولن نخلي له ظهرًا".
كما نفى نفيًا قاطعًا كلام مندوب إسرائيل أنّ "حزب الله" يستخدم مرفأ بيروت لنقل السلاح إلى لبنان، وكلامه هو مقدمات لفرض وصاية على المرفأ والمطار". ولفت إلى أنّ "في هذا الموضوع، يجب أن يكون هناك مسؤوليّة وطنيّة ولا يجوز تعريض المرفأ نتيجة هذا الكلام".
ووجد على الصعيد الفلسطيني، أنّ "ما يقلق إسرائيل هو وقف التنسيق الأمني، وهذا السلاح موجود بيد السلطة الفلسطينية وعليها استخدامه لوقف هدم المنازل".
من جهة ثانية، أعلن نصرالله أنّ "المقاومة لم تذهب إلى الجانب العسكري وأغفلت الجوانب الأُخرى، بل على العكس منذ البداية ذهبنا إلى العمل العسكري. وإلى جانب ذلك، عمل "حزب الله" على جوانب متعدّدة منها السياسي (للعمل على حماية المقاومة) والثقافي والصحي وغيرها"، مشدّدًا على أنّ "المقاومة كانت متكاملة وتعمل في أبعاد متعدّدة، وكلّ العاملين في كلّ أبعادها كانوا من المخلصين والصادقين، فاستطاعت بالتعاون ما بقيّة الفصائل بأن تصل إلى التحرير في عام 2000".
وأوضح أنّ " قبل عام 2000، كلّ ما قدّمته "مؤسسة جهاد البناء" كان من التبرعات ودعم إيران. اليوم بعد عام 2000، كان التحدي الكبير الّذي واجهناه في عام 2006 وكان الإنتصار"، منوّهًا إلى أنّ "في ذلك الوقت، عندما توقّف العدوان وعادت الناس لتشاهد الدمار الكبير، راهنت القوى الإقليميّة وإسرائيل على أنّ الإنتصار سيتحوّل إلى هزيمة، وبيئة المقاومة ستنقلب عليها". وذكر "أنّنا قبل وقف العدوان، بدأنا التحضير لمرحلة اليوم الّذي يتوقّف فيه العدوان وتمّ وضع مشروع وكانت "جهاد البناء" العامل الرئيسي في الخطة".
وفسّر السيد نصرالله، أنّ "الخطة كانت تقضي أنّه بمجرد وقف العدوان، تنطلق "مؤسسة جهاد البناء" بعمليّة مسح شاملة لكلّ البيوت والبدء بترميم البيوت الّتي تضرّرت بشكل جزئي، وتقديم المساعدات عبر مشروع الإيواء؛ وخلال أسبوعين لم يكن هناك أحد في الشارع". وذكر أنّه "عندما تحصل أي حرب في أي بلد، يبقى الناس لسنوات خارج بيوتهم، ولكن مؤسسة "وعد" الّتي انطلقت عبر "جهاد البناء" أنجزت مشروعها خلال 5 سنوات"، مؤكّدًا أنّ "مهمّة "جهاد البناء" تحوّلت إلى أبعاد أُخرى بعد توقّف الاعتداءات، والاخوة في المؤسسة عملوا على مجموعة مشاريع، منها مشروع الشجرة الطيبة لمكافحة التصحر".
وكشف أنّ "خلال السنوات الماضية، تمّ توزيع أكثر من 10 ملايين "غرسة"، واليوم أناشد جميع الناس في كلّ المناطق بأهميّة الحفاظ على ما زُرع وعلى كلّ شجرة ونبته، وثانيًا مواصلة العمل على الزرع والتشجير في كلّ المناطق، وهذه مسؤوليّة وطنيّة وبيئيّة وفوائدها لا تحتاج الى النقاش". وأشار إلى أنّ "المشروع الثاني هو مشروع حاضنة الأعمال، ومن أهمّ التحديات هي إيجاد فرص العمل ونحن نسمع الكثير من الشعارات في هذا المجال. المؤسسة تواصل العمل على تأهيل الناس مهنيًّا وتقنيًّا وتساعدهم على تأمين فرص عمل وتصريف إنتاجهم".
كما لفت إلى أنّ "المشروع الثالث وهو سوق المونة، فقد انطلق قبل سنوات وشهد حضورًا من كلّ لبنان، وتمّ عرض المنتجات وبيعها"، وسأل: "هل تعلمون أنّ في الضاحية الّتي يسكنها حوالي 800 ألف إلى مليون إنسان، في مساحة جغرافيّة معيّنة ، لا يوجد لهؤلاء "مياه شرب؟". وهذا من أتعس أشكال الحرمان. المياه هي من أبسط حقوق الشعب اللبناني، ونحن ننتظر المشاريع والسعي قائم لإيصال مياه الشرب إلى الضاحية". وفسّر أنّ "جهاد البناء" وزّعت مئات الخزانات لمياه الشرب في الضاحية، وهذا المشروع مستمرّ حتّى الآن ونأمل أن يبقى مستمرًّا إلى اليوم الّذي تصل فيه مياه الشرب إلى الضاحية".
وذكر نصرالله أنّ "المشروع الخامس هو العمل التعاوني، والمشروع السادس هو القطاع الزراعي"، مشدّدًا على أنّ "المشكلة في لبنان، إمّا أنّه لا يوجد رؤية أو لا يوجد جدية، ونحتاج إلى الإرادة والذهاب إلى العمل. أي بلد يريد أن يقف على قدميه يجب أن يكون لديه قطاعات إنتاجيّة". وركّز على أنّ "حتّى الآن لا يوجد سياسة حكوميّة للزراعة، ووزارة الزراعة بمفردها لا تسطيع النهوض بهذا القطاع ونحن بحاجة إلى سياسات في هذا المجال"، مبيّنًا أنّ "خلال العقود الماضية، تعرّض القطاع الزارعي للتدمير والتضييق، وأنا أدعو للاهتمام بهذا القطاع ونحن نحتاج إلى خطّة كاملة".
وأعلن أنّ "واحدة من مشاكلنا هي الإكتظاظ في المدن، وفي ظلّ العودة إلى الريف نستطيع الحفاظ على عوامل عدّة"، مفيدًا بأنّ "هناك تحدّ كبير اسمه "تفكّك الأسرة" وهذا يشمل كلّ لبنان، وهذا الإستحقاق خطير وبحاجة إلى علاج".